كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



512- الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ:
فِي الحَدِيث: «إِن الشَّيْطَان لَا يقرب صَاحب فرس وَلَا دَارا فِيهَا فرس عَتيق».
وَرُوِيَ أَن صَهِيل الْخَيل تطرد الْجِنّ.
قلت غَرِيب.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات كلهم عَن مُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور من حَدِيث سعيد بن سِنَان عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب الْمليكِي عَن أَبِيه عَن جده عريب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله: {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم} قَالَ: «هم الْجِنّ وَلنْ يخْتل الشَّيْطَان إنْسَانا فِي دَاره فرس عَتيق» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِسَعِيد بن سِنَان وَقَالَ ضعفه أَحْمد وَابْن معِين.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول فِي سُورَة الْبَقَرَة من حَدِيث مُحَمَّد بن شُعَيْب عَن ابْن مهْدي عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نزلت هَذِه الْآيَة الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم فِي أَصْحَاب الْخَيل» وَقَالَ: «إِن الشَّيْطَان لَا يخْتل أحدا فِي دَاره فرس عَتيق» انْتَهَى.
وَرَوَى القَاضِي أَبُو الْقَاسِم عَلّي بن مُحَمَّد النَّخعِيّ فِي كتاب السَّبق بِالْخَيْلِ وَهُوَ كتاب لطيف نسخته مَوْقُوفَة بِالْمَدْرَسَةِ الْفَاضِلِيَّةِ من الْقَاهِرَة حَدثنَا الْحسن ابْن عَلّي بن عَفَّان حَدثنَا الْحسن بن عَطِيَّة عَن طَلْحَة بن زيد عَن الْوَضِين بن عَطاء عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى رَفعه إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِه الْآيَة {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ} قَالَ: «نعم الْجِنّ لَا يدْخل الْجِنّ دَارا فِيهَا فرس عَتيق».
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم} قَالَ هُوَ الشَّيْطَان.
لَا يقرب نَاصِيَة فرس لِأَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر فَلَا يقربهُ شَيْطَان أبدا» انْتَهَى.
وَهَذَا سَنَد واه جُوَيْبِر ضَعِيف وَالضَّحَّاك لم يلق ابْن عَبَّاس.
513- الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ:
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بسبعين أَسِيرًا مِنْهُم الْعَبَّاس عَمه وَعقيل بن أبي طَالب فَاسْتَشَارَ أَبَا بكر فيهم فَقَالَ قَوْمك وَأهْلك فَاسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله يَتُوب عَلَيْهِم وَخذ مِنْهُم فديَة تقَوِّي بهَا أَصْحَابك وَقَالَ عمر كَذبُوك وَأَخْرَجُوك فَقَدمهُمْ وَاضْرِبْ أَعْنَاقهم فَإِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وَإِن الله قد أَغْنَاك عَن الْفِدَاء مكن عليا من عقيل وَمكن حَمْزَة من الْعَبَّاس وَمَكني من فلَان لِنَسِيبٍ لَهُ فَاضْرب أَعْنَاقهم فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللين وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة وَإِن مثلك يَا أَبَا بكر كَمثل إِبْرَاهِيم قَالَ فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم وَمثلك يَا عمر مثل نوح قَالَ لَا تذر عَلَى الأَرْض من الْكَافرين ديارًا ثمَّ قَالَ لأَصْحَابه أَنْتُم الْيَوْم عَالَة فَلَا يَفْلِتَنَّ أحد مِنْهُم إِلَّا بِفِدَاء أَو ضرب عنق».
وَرَوَى أَنه قَالَ لَهُم «إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ» فَقَالُوا بل بِأخذ الْفِدَاء إِذْ اسْتشْهدُوا بِأحد وَكَانَ فدَاء الْأسَارَى عشْرين أُوقِيَّة وَفِدَاء الْعَبَّاس أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة وَالْأُوقِية أَرْبَعُونَ درهما وَسِتَّة دَنَانِير.
وَرُوِيَ أَنهم لما أخذُوا الْفِدَاء نزلت فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء.
فَدخل عمر عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذا هُوَ وَأَبُو بكر يَبْكِيَانِ فَقَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت فَقَالَ: «أبْكِي عَلَى أَصْحَابك فِي أَخذهم الْفِدَاء وَلَقَد عرض عَلّي عَذَابهمْ أدنَى من هَذِه الشَّجَرَة» لشَجَرَة قريبَة مِنْهُ.
قلت هَذِه بَقِيَّة حَدِيث عمر الْمَذْكُور فِي الحَدِيث السَّابِع وَهُوَ حَدِيث هَذَا آخِره وَفِيه نقص يسير رَوَاهُ مُسلم قَالَ ابْن عَبَّاس فَقتلُوا يَوْمئِذٍ سبعين وأسروا سبعين فَلَمَّا أَسرُّوا الْأسَارَى قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر وَعمر «مَا ترَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأسَارَى» فَقَالَ أَبُو بكر يَا نَبِي الله هم بَنو الْعم وَالْعشيرَة أرَى أَن تَأْخُذ مِنْهُم فديَة فَتكون لنا قُوَّة عَلَى الْكفَّار فَعَسَى الله أَن يهْدِيهم لِلْإِسْلَامِ وَقَالَ عمر لَا وَالله يَا رَسُول الله مَا أرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بكر وَلَكِن أرَى أَن تمَكنا فَنَضْرِب أَعْنَاقهم فَتمكن عليا من عقيل فَيضْرب عُنُقه وَتُمَكِّنِّي من فلَان نسيب لعمر فَأَضْرب عُنُقه فَإِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وَصَنَادِيدهَا فَهَوِيَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بكر وَلم يَهو مَا قَالَ عمر فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جِئْت فَإِذا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر قَاعِدين يَبْكِيَانِ قلت من أَي شَيْء تبْكي أَنْت وَصَاحِبك فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أبْكِي للَّذي عرض عَلَى أَصْحَابك من أَخذهم الْفِدَاء لقد عرض عَلّي عَذَابهمْ أدنَى من هَذِه الشَّجَرَة» لشَجَرَة قريبَة مِنْهُ مُخْتَصر.
وَرَوَى أَحْمد فِي مُسْنده والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفسيريهما والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَقولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأسَارَى» فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله قَوْمك وَأهْلك اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله يَتُوب عَلَيْهِم وَقَالَ عمر يَا رَسُول الله كَذبُوك وَأَخْرَجُوك فَقَدمهُمْ فَاضْرب أَعْنَاقهم وَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة يَا رَسُول الله أَنْت فِي وَاد كثير الْحَطب فأضرم الْوَادي عَلَيْهِم نَارا قَالَ فَسكت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلم يرد عَلَيْهِم شَيْئا ثمَّ قَالَ: «إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللين وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة وَإِن مثلك يَا أَبَا بكر كَمثل عِيسَى قَالَ إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم وَإِن مثلك يَا عبد الله مثل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ رَبنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهم وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهم فَلَا يُؤمنُوا حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم وَإِن مثلك يَا عمر مثل نوح عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ رب لَا تذر عَلَى الأَرْض من الْكَافرين ديارًا أَنْتُم عَالَة فَلَا يَنْقَلِبْنَ أحد مِنْهُم إِلَّا بِفِدَاء أَو ضَرْبَة عنق» قَالَ ابْن مَسْعُود فَقلت يَا رَسُول الله إِلَّا سُهَيْل ابْن بَيْضَاء فَإِنَّهُ يذكر الْإِسْلَام فَسكت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْتنِي فِي يَوْم أخوف أَن تقع عَلّي حِجَارَة من السَّمَاء مني فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا سُهَيْل ابْن بَيْضَاء» فَأنْزل الله عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أَسْرَى الْآيَة انْتَهَى.
قيل وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه.
قَوْله: وَرُوِيَ أَنه قَالَ: «إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ».
هَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ مَعَ اخْتِلَاف يسير فَقَالَ حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا ابْن فُضَيْل عَن أَشْعَث بن سوار عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة قَالَ أسر الْمُسلمُونَ من الْمُشْركين سبعين وَقتلُوا سبعين فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْتَارُوا أَن تَأْخُذُوا مِنْهُم الْفِدَاء فَتَقووْا بِهِ عَلَى عَدوكُمْ وَيقتل مِنْكُم سَبْعُونَ أَو تَقْتُلُوهُمْ» فَقَالُوا بل نَأْخُذ الْفِدْيَة مِنْهُم وَيقتل منا سَبْعُونَ قَالَ فَأخذُوا مِنْهُم الْفِدْيَة وَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ ثمَّ أسْند إِلَى أَبَا عُبَيْدَة أَيْضا قَالَ كَانَ فدَاء أُسَارَى بدر مائَة أُوقِيَّة.
وَالْأُوقِية أَرْبَعُونَ درهما وَمن الدَّنَانِير سِتَّة انْتَهَى.
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الْبَاقِي بن قَانِع حَدثنَا مُحَمَّد بن الْبشر ابْن مَرْوَان الصَّيْرَفِي حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة حَدثنَا أَزْهَر عَن ابْن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة عَن عَلّي قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُسَارَى بدر «إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ» فَأخذُوا الْفِدْيَة فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ قَالَ وَكَانَ آخر السّبْعين ثَابت بن قيس بن شماس انْتَهَى.
وَرَوَى أَيْضا من حَدِيث أبي صَالح عبد الله بن صَالح ثني مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى} الْآيَة قَالَ كَانَ الْعَبَّاس يَوْم بدر أَسِيرًا فَافْتَدَى نَفسه بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا فَقَالَ الْعَبَّاس حِين نزلت هَذِه الْآيَة أَعْطَانَا الله خَصْلَتَيْنِ مَا أحب أَن لي الدُّنْيَا... أسرت يَوْم بدر فَافْتَدَيْت نَفسِي بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا فَأَتَانِي الله أَرْبَعِينَ عبدا وَأَنا أَرْجُو الْمَغْفِرَة الَّتِي وعدنا الله انْتَهَى.
وَرَوَى الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي خَالِد بن الْهَيْثَم مولَى لبني هَاشم عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن عَلّي قَالَ أَتَى جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بدر فخيروه فِي الْأَسْرَى أَن يضْرب أَعْنَاقهم أَو يَأْخُذ مِنْهُم الْفِدَاء وَيسْتَشْهد مِنْكُم فِي قَابل عدتهمْ فَأخْبر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابه فَقَالُوا بل نَأْخُذ الْفِدْيَة وَيسْتَشْهد منا فَقبل مِنْهُم الْفِدَاء وَقتل مِنْهُم قَابل عدتهمْ بِأحد مُخْتَصر.
514- الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ:
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب لما نجا مِنْهُ غير عمر بن الْخطاب وَسعد بن معَاذ» لقَوْله كَانَ الْإِثْخَان فِي الْقَتْل أحب إِلَيّ.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن حميد حَدثنَا سَلمَة قَالَ قَالَ ابْن إِسْحَاق لم يكن أحد من الْمُؤمنِينَ مِمَّن حضر بَدْرًا إِلَّا أحب الْغَنَائِم إِلَّا عمر بن الْخطاب فَإِنَّهُ جعل لَا يلقى أَسِيرًا إِلَّا ضرب عُنُقه وَقَالَ سعد بن معَاذ يَا رَسُول الله الْإِثْخَان فِي الْقَتْل أحب إِلَيّ من اسْتِبْقَاء الرِّجَال فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب لما نجا مِنْهُ غير عمر بن الْخطاب وَسعد بن معَاذ» انْتَهَى.
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ هَكَذَا بِلَفْظ الطَّبَرِيّ من غير سَنَد.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَد مُتَّصِل من حَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكر فِيهِ سعد بن معَاذ وَقد ذكرته فِي أَحَادِيث الْأُصُول الشَّافِعِيَّة وَلَفظه «لَو نزل الْعَذَاب مَا أفلت إِلَّا ابْن الْخطاب» مُخْتَصر.
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي خَالِد بن الْهَيْثَم مولَى لبني هَاشم عَن يَحْيَى بن أبي كثير... فَذكره بِطُولِهِ وَفِي آخِره وَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب مَا نجا مِنْهُ إِلَّا عمر كَانَ يَقُول اقْتُل وَلَا تَأْخُذ الْفِدَاء وَكَانَ سعد بن معَاذ يَقُول اقْتُل وَلَا تَأْخُذ الْفِدَاء» مُخْتَصر.
515- الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ:
عَن الْعَبَّاس أَنه قَالَ كنت مُسلما لكِنهمْ اسْتَكْرَهُونِي فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن يكن مَا تذكر حَقًا فَالله يجْزِيك فَأَما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا».
وَكَانَ أحد الَّذين ضمنُوا إطْعَام أهل بدر وَخرج بِالذَّهَب لذَلِك.
قلت هُوَ بعده.
516- الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ:
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للْعَبَّاس «افْدِ ابْني أَخِيك عقيل بن أبي طَالب وَنَوْفَل بن الْحَارِث» فَقَالَ يَا مُحَمَّد تَرَكتنِي أَتَكَفَّف قُريْشًا مَا بقيت فَقَالَ لَهُ فَأَيْنَ الذَّهَب الَّذِي دَفعته إِلَى أم الْفضل وَقت خُرُوجك من مَكَّة وَقلت لَهَا مَا أَدْرِي مَا يُصِيبنِي فِي تَوَجُّهِي هَذَا فَإِن حدث بِي حدث فَهُوَ لَك ولعَبْد الله وَعبيد الله وَالْفضل فَقَالَ الْعَبَّاس وَمَا يدْريك قَالَ: «أَخْبرنِي رَبِّي» قَالَ الْعَبَّاس فَأَنا أشهد أَنَّك صَادِق وَأَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك عَبده وَرَسُوله وَالله لم يطلع عَلَيْهِ أحد إِلَّا الله وَلَقَد دَفعته إِلَيْهَا فِي سَواد اللَّيْل وَلَقَد كنت مُرْتَابا فِي أَمرك فَأَما إِذْ أَخْبَرتنِي بذلك فَلَا ريب قَالَ الْعَبَّاس فَأَبْدَلَنِي الله خيرا من ذَلِك لي الْآن عشرُون عبدا إِن أَدْنَاهُم ليضْرب فِي عشْرين ألفا وَأَعْطَانِي زَمْزَم مَا أحب أَن لي بهَا جَمِيع أَمْوَال أهل مَكَّة وَأَنا أنْتَظر الْمَغْفِرَة من رَبِّي.
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل فِي فَضَائِل الْعَبَّاس من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يَحْيَى بن عباد بن عبد الله بن الزُّبَيْر عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت لما بعث أهل مَكَّة فِي فدَاء أَسْرَاهُم وَبعثت زَيْنَب فِي فدَاء أبي الْعَاصِ قَالَ الْعَبَّاس يَا رَسُول الله إِنِّي كنت مُسلما فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن يكن كَمَا تَقول فَالله يجْزِيك بذلك فَأَما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا فَافْدِ نَفسك وَابْني أَخِيك نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَعقيل بن أبي الْمطلب وَحَلِيفك عتبَة بن عمر أَخا بني الْحَارِث بن فَهد» قَالَ مَا ذَاك عِنْدِي يَا رَسُول الله قَالَ: «فَأَيْنَ المَال الَّذِي دَفَنته أَنْت وَأم الْفضل وَقلت لَهَا إِن أصبت فِي سَفَرِي هَذَا فَهَذَا المَال لبني الْفضل وَعبد الله وَقثم» فَقَالَ وَالله إِنِّي لأعْلم أَنَّك رَسُول الله وَالله إِن هَذَا لشَيْء مَا علمه أحد غَيْرِي وَغير أم الْفضل فَاحْسبْ لي يَا رَسُول الله مَا أصبْتُم مني عشْرين أُوقِيَّة من مَال كَانَ معي فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَل» ففدا نَفسه وَابْني أَخَوَيْهِ وَحَلِيفه وَأنزل الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى} الْآيَة قَالَ فَأَعْطَانِي الله مَكَان الْعشْرين أُوقِيَّة فِي الْإِسْلَام عشْرين عبدا كلهم فِي يَده مَال يضْرب بِهِ مَعَ مَا أَرْجُو من مغْفرَة الله تَعَالَى انْتَهَى.
ثمَّ قَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ.
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة.
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الَّذِي أسر الْعَبَّاس يَوْم بدر أَبُو الْيُسْر كَعْب بن عَمْرو فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْدِ نَفسك وَابْني أَخِيك عقيل بن أبي طَالب وَنَوْفَل بن الْحَارِث فَإنَّك ذُو مَال» قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت مُسلما وَلَكِن الْقَوْم اسْتَكْرَهُونِي فَقَالَ: «الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن يكن مَا تَقول حَقًا فَالله يجْزِيك وَأما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا» قَالَ فَإِنِّي لَيْسَ لي مَال قَالَ: «فَأَيْنَ المَال الَّذِي وَضعته بِمَكَّة حِين خرجت من عِنْد أم الْفضل بن الْحَارِث وَلَيْسَ بَيْنكُمَا أحد وَقلت لَهَا إِن أصبت فِي سَفَرِي هَذَا فَلِلْفَضْلِ كَذَا ولعَبْد الله كَذَا» قَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا علم بِهَذَا أحد غَيْرِي وَغَيرهَا وَإِنِّي لأعْلم أَنَّك رَسُول الله ففدا نَفسه وَابْني أَخِيه.
ثمَّ قَالَ وَحدثت عَن مُحَمَّد بن حميد حَدثنَا جرير عَن أَشْعَث عَن جَعْفَر ابْن الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أسر سَبْعُونَ فَجعل عَلَيْهِم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا وَجعل عَلَى عَمه الْعَبَّاس مائَة أُوقِيَّة وَعَلَى عقيل ثَمَانِينَ فَقَالَ الْعَبَّاس لِلْقَرَابَةِ صنعت هَذَا وَالَّذِي يحلف بِهِ الْعَبَّاس لقد تَرَكتنِي فَقير قُرَيْش مَا بقيت قَالَ: «كَيفَ تكون فَقير قُرَيْش وَقد اسْتوْدعت أم الْفضل بَنَادِق الذَّهَب» فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَالله مَا أخْبرك بِهَذَا إِلَّا الله فَأنْزل الله يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى إِلَى قَوْله غَفُور رَحِيم انْتَهَى.
وَبِهَذَا السَّنَد الْأَخير والمتن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْفرْقَان فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم ثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوب أَنا مُحَمَّد بن حميد بِهِ.
517- الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ:
رُوِيَ أَنه قدم عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَال الْبَحْرين ثَمَانُون ألفا فَتَوَضَّأ لصَلَاة الظّهْر وَمَا صَلَّى حَتَّى فرقه وَأمر الْعَبَّاس أَن يَأْخُذ مَا قدر عَلَى حمله وَكَانَ يَقُول هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَأَرْجُو الْمَغْفِرَة.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا بشر بن معَاذ ثَنَا يزِيد ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: {قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى} الْآيَة قَالَ ذكر لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم عَلَيْهِ مَال الْبَحْرين ثَمَانُون ألفا... إِلَى آخِره.
وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن قَتَادَة هَكَذَا من غير سَنَد.
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه قَرِيبا مِنْهُ رَوَاهُ فِي الْفَضَائِل فِي فَضَائِل الْعَبَّاس من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ بعث إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْبَحْرين بِثَمَانِينَ ألفا فَأمر بهَا فَنثرَتْ إِلَى الْحَصِير وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فجَاء رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمثل عَلَى المَال قَائِما وَجعل يُعْطي النَّاس وَمَا كَانَ يَوْمئِذٍ عدد وَلَا وزن مَا كَانَ إِلَّا قبضا فجَاء الْعَبَّاس فَقَالَ يَا رَسُول الله أَعْطِنِي فَقَالَ: «خُذ» فَحَثَى فِي خميصة كَانَت عَلَيْهِ ثمَّ ذهب ينْصَرف فَلم يسْتَطع فَقَالَ يَا رَسُول الله ارْفَعْ عَلّي فَتَبَسَّمَ وَهُوَ يَقُول أما آخذ مَا وعد الله فقد أنْجز وَلَا أَدْرِي الْأُخْرَى {قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم} هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَلَا أَدْرِي مَا يصنع فِي الْمَغْفِرَة انْتَهَى.
وَقَالَ عَلَى شَرط مُسلم.